المفتى: الزواج العرفى بدون شهود محرم وغير صحيح شرعا ومن نكاح السر
ما حكم الزواج العرفي بدون شهود؟ تزوج رجل من امرأة زواجاً عرفياً، بصيغة الإيجاب والقبول، لكن بدون شهود، ولم يخبروا به أحداً خوفاً من أن يعلم أحد أفراد العائلتين بهذا الزواج فيضطر إلى الزواج. أكملها. فهل هذا الزواج صحيح وفقا للشريعة الإسلامية؟ سؤال يجيب عليه الدكتور نذير محمد عياد مفتي الجمهورية فيما يلي:
أن يكتفي الرجل والمرأة بصور الإيجاب والقبول في زواجهما العرفي، دون أن يخبرا به أحداً، ولا يشهدا عليه خوفاً من أن يعلم به أحد من أفراد العائلتين، ينافي المقصد الأسمى للزواج وأهدافه المتمثلة في تحقيق المعاشرة بين الزوجين، ونشر الرحمة والمودة بينهما، ويعرضهما لشبهة الدين من جهة. مخالفة النصوص الشرعية التي تدعو إلى شهادة الزواج وإعلانه بين الناس وعرضه وإشهاره وشبهة العرض من حيث عدم حمايته من الدخول فيه وجعله محل شبهة وموضوع من الاتهام، بالإضافة إلى ما يترتب على ذلك من ضياع الحقوق، وتعرض الأنساب للكفر، وفتح أبواب التلاعب والغش، ورفض الزواج، وبالتالي فهو محرم ولا يصح شرعا، ومن الزواج السر الذي يحكم الشرع الشريف وببطلان الاتفاق يجب عليهما أن يتفرقا.
حكم الزواج العرفي بدون شهود:
ومن الثابت شرعا أن المعتبَر في العقود هو المسميات وليس الأسماء، وأن الأحكام تدور حول المسميات والمحتويات، وليس الأسماء والألقاب. العقود الشرعية، متى استوفت أركانها وشروطها، وسُلمت من كل موانع، كانت صحيحة شرعاً.
ولهذا السبب فإن وصف عقد الزواج بأنه صحيح أو نافذ أو ملزم أو باطل أو فاسد أو وقفي أو غير ملزم، وما يترتب على ذلك من آثار، مستمد من عمل الشريعة المبنية على مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية. أركان العقد وشروطه، أو عدم مراعاتها، وعلى هذا الوصف تنشأ الحقوق والواجبات. وتختلف الأحكام والآثار والعواقب.
ولذلك إذا عقد الطرفان الزواج دون إعلانه أو الشهادة عليه، واتفقا على إبقاءه سراً وعدم إخبار أحد عنه – كما هو الحال في السؤال – لأي سبب من الأسباب – فإن هذا الزواج يسمى زواجاً. “الزواج السري” وهو عقد باطل في الشريعة الإسلامية. لأنه من جنس المحارم المحرم شرعاً، وقد اتفق العلماء قديماً وخلفاء على ذلك.
وأصل ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف: «لا نكاح إلا بولي وشاهدين عدل، وكل نكاح غير ذلك فهو باطل». .. “الحديث” أخرجه الإمامان: ابن حبان في “صحيحه” ولفظه، والبيهقي في “سننه” من حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها. يسر معها.
وروى الإمام البيهقي في “معرفة السنن والآثار” عن أبي الزبير أن عمر رضي الله عنه نكح ولم يشهده إلا رجل وامرأة، فقال: هذا نكاح سري، ولا أجوزه.
وعن طاوس بن كيسان قال: «فرق بين الزنا وبين الشهود». رواه الإمام عبد الرزاق في “المصنف”.
وقال الإمام أبو بكر ابن العربي في “عريضة الأحوذي” (4/246 ط دار الكتب العلمية): [النكاح عقدٌ يفتقر إلى إعلانٍ، لا خلاف فيه، ونكاح السر ممنوعٌ لا خلاف فيه] أوه.
قال الإمام أبو الوليد بن رشد في “بداية المجتهد” (3/44 ط دار الحديث): [واتفقوا على أنه لا يجوز نكاح السر] أوه.
قال الإمام النووي في “شرحه على صحيح الإمام مسلم” (9/ 227 ط دار إحياء التراث العربي): [أجمعت الأُمَّة على أنه لو عُقِد سِرًّا بغير شهادةٍ لم ينعقد] أوه.
قال الشيخ ابن تيمية في “”الفتاوى الكبرى”” (3/274 ط دار الكتب العلمية): [وأما نكاح السر الذي يتواصون بكتمانه ولا يُشهدون عليه أحدًا، فهو باطلٌ عند عامة العلماء، وهو مِن جنس السِّفاح] أوه.
الزواج السري يتنافى مع مقاصد الشرع الشريف
إضافة إلى ما سبق: فإن هذا النوع من الزواج يخالف ما قرره الشرع الكريم من مقاصد شاملة وأحكام واجبة التطبيق، ومنها:
أولاً: الزواج السري ينافي أسمى مقاصد الزواج وأهدافه من الطمأنينة والرحمة والمودة بين الزوجين، والتي وردت في قول الله تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَن خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِكَيْ تَتَّخِذُوا مِنْهَا”. لتجدوا السكينة فيهم، وجعل بينكم مودة ورحمة. إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون. [الروم: 21].
ويقول الله تعالى: (ولتطمئنوا إليه) أي: ولتميلوا إليه وتعرفوه، فإن الجنسية سبب للشمول، والاختلاف سبب للتنافر. كما في “أنوار التنزيل وأسرار الطويل” للإمام ناصر الدين البيضاوي (4/204 ط دار إحياء التراث العربي).
ويقول الله تعالى: (وجعل بينكم مودة ورحمة) أي: جعل بينكم بالنكاح والختان مودة تتحابون بها وتتواصلون من أجلها ورحمة. “الذي رحمكم به، فتحسن به بعضكم إلى بعض” كما قال الإمام الطبري في “جامع الطبري”. “البيان” (20/ 86، ط مؤسسة الرسالة).
ويمكن أن يفهم من ذلك أن الله تعالى قد أودع سرا في الزواج، وهو أنه بمجرد إتمامه ستحدث الراحة التامة، والشعور بالطمأنينة، والاستقرار النفسي والجسدي لكلا الزوجين، وبالتالي يكون سكنا. حيث يمكن لكل منهما أن يلجأ إلى الآخر. ثم يزين الله عز وجل هذا المسكن والمأوى بالرحمة. المودة والرحمة والرحمة والمحبة؛ لا راحة في العيش بلا حب ولا رحمة، على عكس الزواج السري الذي يشعر فيه الطرفان بالخطأ، ويغمرهما شعور مفرط بالخوف الدائم والذعر الدائم من أن يعلم أحد بلقائهما أو من يعرف أياً منهما. سوف يراهم معًا، لذلك لن يسعدوا بحياة طبيعية أو حياة طبيعية مثل الآخرين. من الأزواج، بالإضافة إلى كبت الشعور بالفرحة بهذا الزواج، وعدم الافتخار به.
كما أن المودة والألفة والمحبة المطلوبة في الزواج لا تقتصر على الزوجين فقط، بل تمتد إلى أسرتيهما، حيث تزيد أواصر المحبة والمودة والألفة بين أفراد العائلتين، وتكون بمثابة الكرامة. والفخر لهن، بخلاف الزواج السري الذي هو سبب للقطيعة والذل والهوان. الخزي والعار لكلا العائلتين، وهذا الأمر له نظير سني. النبوة الشريفة، عندما وقع بنو المصطلق في السبي، وفيهم السيدة جويرية أم المؤمنين رضي الله عنها – ولم تكن قد أسلمت بعد – فاستنجدت بالرسول صلى الله عليه وسلم. رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأطلقها فأسلمت، ثم خطبها فقبلت. فتزوجها، ولما علم الصحابة رضي الله عنهم بزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا تعظيماً لمكانة قومها: «إن في- شريعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، تقول السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: “فأرسلوا وكان في أيديهم بعض من بنو المصطلق، واحد وأُطلق بها سراح مائة من بني المصطلق. ولا أعلم امرأة أكثر نعمة منها. أهلها.” أخرجه الأئمة: ابن حبان في «صحيحه»، وأبو داود والبيهقي – واللفظ له – في «السنن».
ثانياً: وجوب عزل الدين والعرض؛ الزواج السري الذي يتم دون شهادة أو إعلان يعرض الزوجين للشك في الدين. وذلك لمخالفته النصوص الشرعية المروية عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتي دعت إلى شهادة الزواج وإعلانه بين الناس وجعله عام. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا به بالدف، وليحمل أحدكم شاة ولو شاة» غنم.” رواه الأئمة: الترمذي – وحسنه – ابن ماجه والبيهقي في السنن، من حديث السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.
والسبب في ذلك أنه لما كان الزنا سرا عن أعين الناس وبعيدا عن علمهم، فقد تميز الزواج بإشهاده وإعلانه وكشفه – كما في “مختصر التحرير” للإمام ابن عثيمين. النجار (4/168 ط. مكتبة العبيكان) – ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإعلان النكاح وإعلانه، وهذا الأمر مفيد وتحريم ضده وهو الزواج السري الذي يتم في الخفاء دون شهادة ولا خبر ولا وحي. ولما ثبت في الشرع الشريف أن «الأمر بالأمر ينهى عن ضده» كما في «الأشباه والنظائر» للإمام تاج الدين السبكي (2/ 115، ط دار النور). الكتب العلمية).
أما السبب الذي يجعل الزواج السري يعرض شريكه للشك في عرضه، فهو أنه جاء في الحديث الشريف عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أشياء مشتبهات». لا يعرفهم الكثير من الناس. فمن اجتنب الشبهات استبرأ من دينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. وقد أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
وقوله: «برأ دينه وعرضه» أي: «برأ دينه من الركام، وعصم عرضه مما قاله الناس فيه» كما قال الإمام النووي في «الشرح على صحيحه». “الإمام مسلم” (11/28 ط دار إحياء التراث العربي) والحفاظ على العرض في الحديث يكون باجتناب الشبهات وعدم الوقوع فيها، ومعلوم أن زواج السر لا يجوز. خالية من الشبهات، ولا تخلو من التهمة، بالإضافة إلى أنها لها حرمتها، فكان الابتعاد عنها وعدم الوقوع فيها تطهيرًا للشرف، وحفظًا له من انتهاكه، ونهيًا عن ممارسته.
ثالثاً: الزواج السري بهذه الطريقة يشكل إهداراً للحقوق، وذريعة لرفض النسب، وإسقاطاً للواجبات والالتزامات، وفتحاً لأبواب التلاعب والغش ورفض الزواج.
خاتمة
وبناء على ذلك وفي سياق السؤال: خلاف الرجل والمرأة المذكورين في زواجهما العرفي بصور الإيجاب والقبول، مع عدم إخبار أحد بذلك، وعدم الشهادة عليه خوفاً من أن يفتي أحد منهما. فإن اكتشاف أفراد العائلتين له – يتنافى مع المقصد الأسمى للزواج وأهدافه المتمثلة في تحقيق المعاشرة بين الزوجين، وإشاعة الرحمة والمودة بينهما، ويعرضهما للشبهة في الدين من حيث مخالفة النصوص الشرعية. التي تدعو إلى شهادة الزواج، وإعلانه بين الناس، وإعلانه وإشهاره، والتشكيك في العرض من حيث عدم حمايته من التورط فيه، وجعله موضع شبهة واتهام، بالإضافة إلى ذلك. لما يترتب على ذلك من ضياع الحقوق، وتعرض الأنساب للكفر، وفتح أبواب التلاعب والغش ورفض الزواج، وبالتالي فهو محرم. ولا يصح شرعا، والزواج السري الذي حكم الشرع الشريف ببطلانه، بالاتفاق، ويجب عليهما الانفصال.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
اكتشاف المزيد من العاصمة والناس
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.