عيدهم 73.. تطور شعارات الشرطة عبر العصور رمزا للأمان "صور"

منذ القدم وحتى العصر الحديث، كانت الشرطة المصرية دائمًا تجسيدًا للسلطة والقوة، بل أداة أساسية لحفظ الأمن والنظام. إلا أن ما لم يكن معروفاً للكثيرين هو أن تطور شعارات الشرطة على مر العصور لم يكن مجرد تغيير في الشكل أو التصميم، بل كان انعكاساً مباشراً لتطور الدولة نفسها.

ولم تكن هذه الشعارات مجرد رموز، بل كانت شاهدا حيا على العصور التي مرت بها البلاد، معبرة عن تحولاتها السياسية والاجتماعية.

وفي عهد الفراعنة ارتدى رجال الشرطة طابعا رمزيا يربطهم بالآلهة والسلطة الحاكمة. وكان شعارهم في ذلك الوقت مرتبطاً بالعدالة الإلهية، حيث كان يظهر أحياناً على شكل رمز للعدالة أو عيون ترى وتراقب كل شيء.

ومن هذا المنطلق كان شعار الشرطة في العصر الفرعوني يرمز إلى السلطة غير المحدودة التي تتمتع بها الدولة. ومع قدوم العصر الإسلامي، تطور مفهوم الأمن والنظام ليتوافق مع المبادئ الإسلامية. بدأ شعار الشرطة في تلك الفترات يحمل طابعًا دينيًا واضحًا. أصبحت الأسلحة والمجالس القضائية بارزة. وباعتبارها رموزاً للعدالة وتوازن السلطة، كان شعار الشرطة في هذه الفترة يقوم على “الحق” و”العدالة”، إذ مثلت السلطات البوليسية حلقة وصل بين الحق الإلهي والواقع الاجتماعي. وعندما نلاحظ هذا التحول يتبين لنا كيف أن الشرطة… لم تصبح مجرد حامية للأمن، بل شاهدة على تطبيق قيم الإسلام في أبهى صورها.

مع بداية العصر الحديث، ومع دخول الاحتلال البريطاني، أخذت شعارات الشرطة شكلاً يتناغم مع الواقع الاستعماري، وفي العصر الحديث بعد الاستقلال بدأ شعار الشرطة يتغير ليحمل رمزاً مختلفاً.

أصبح الشعار أكثر ارتباطًا بالدولة القومية الحديثة، وغالبًا ما يتضمن رمزًا للوطن مثل النسر المصري، مما يعكس هوية قوية ومستقلة.

وشهدت هذه الحقبة ظهور شعارات عكست مبدأي “الحماية” و”العدالة” بلهجة أكثر إنسانية وتوازنا، بعيدا عن أي طابع استبدادي أو استعماري.

لقد أصبحت الشرطة حامية الشعب والوطن، بل أكثر من ذلك، أصبحت رمزا للوحدة الوطنية التي يجب على الجميع الالتزام بها.

وفي الفترة الحالية، ومع تزايد الوعي الاجتماعي والسياسي، بدأت شعارات الشرطة تأخذ طابعا أكثر حداثة، ليبرز شعار الجمهورية والشعارات الداعمة لقيم المواطنة والعدالة الاجتماعية.

وتعكس هذه الشعارات رسالة قوية مفادها أن الشرطة ليست جهازًا أمنيًا فحسب، بل هي عنصر أساسي في بناء المجتمع المصري، وتعمل جنبًا إلى جنب مع مؤسسات الدولة لتحقيق استقرار حقيقي يحترم حقوق الأفراد ويضمن سلامتهم.

شعارات الشرطة على مر العصور هي أكثر من مجرد رموز. إنها صور حية تعكس تقلبات التاريخ، نابضة بالحركة والتغيير، وتعبر عن رحلة مستمرة نحو الأمن والعدالة.

فمن رمز السلطة الفرعونية، إلى العدالة الإسلامية، إلى السلطة الاستعمارية، إلى الانتماء الوطني الحديث، تظل هذه الشعارات شاهدة على تطور مفهوم الشرطة، وعلى الدور المتنامي الذي تلعبه في بناء الدولة الحديثة.