تخليدا للشهداء الفلسطينيين.. مفاجأة إبداعية جديدة رائعة للشاعر أيمن أبو الشعر
بقلم: رامي الشاعر
• لماذا لاتتبنى التلفزيونات العربية هذه الروائع… أكثر من مليون مشاهدة لمتابعة أغنية حصار غزة
• عودة حبيب- تتحدث عن فتاة فلسطينية تنتظر حبيبها ليوم الزفاف، فيعود شهيدا، فتزفه إلى الخلود
• * الفنانة المطربة لانا هابراتسو، والفنان الملحن معن دوارة أبدعا حقا في تجسيد هذا الموقف الإنساني المذهل
ها أنذا أعود من جديد للتحدث عن عمل فني رائع آخر مكرس للقضية الفلسطينية فالأصالة الوطنية الإبداعية لا يشبع المرء منها…وأحب أن أنوه بأن ما أقدمه الآن لا يستحق التأمل وحسب، بل وتنبيه منابرنا الإعلامية كافة المطبوعة والمسموعة والمرئية، بأن البديل عن الأغاني والأعمال الفنية الهابطة موجود حقا حولنا، وقد أعلن الشاعر أيمن أبو الشعر عن مشروعه في تكريس هذا البديل قبل سنتين لكنه ظل يصارع الأمواج وحده، ورغم أني أشهد أنه بحار خبير لكنه يحتاج إلى منارة تبث شارات كثيفة وفية، وأسماع رهيفة أبية، وذائقة جمالية نقية لكي يصل إلى الشواطئ التفاعلية الأصيلة البهية. وإليكم ما حدث!
اتصلت بصديقي الشاعر الدكتور أيمن أبو الشعر لأهنئه على الانتشار الواسع لقصيدته حصار غزة، والتي حصدت أكثر من مليون مشاهدة وتلقفَها حوالي مئة موقع ومنبر ومجلة وصحيفة لأنها تحكي بصدق عن معاناة الإنسان المحاصر في أي زمان ومكان، وأن صموده رغم شناعة الحصار لابد أن يتوج بالانتصار، وفوجئت بأنه بعد أن ابتهج للخبر أسمعني قصيدة ملحنة ومغناة عن الشهيد الفلسطيني بأسلوب وجداني إنساني مذهل، و كان قد نشر القصيدة في مجموعته الشعرية عصفور محكوم بالإعدام، والتي فيها بالمناسبة قصيدته المطولة عن استشهاد الطفل الغزاوي محمد الدرة على مرأى العالم في أحضان أبيه ! ، وشعرت أنني لا يمكن أن أترك هذه الفرصة غير العادية ولابد أن أتحدث عنها – عن قصيدة- أغنية عودة حبيب، التي أعتقد أنها توازي نشيد الحصار إن لم تتفوق عليه، وأنها من أجمل الأغاني الفلسطينية النوعية العميقة التي تحاكي العقل والوجدان. فطلبت منه أن يرسل لي التسجيل فورا.
مفاجأتان في اتصال واحد-:
أرجعني اتصالي بالشاعر أيمن أبو الشعر أولا إلى الذكريات الجميلة المخصابة سواء في لقاءاته مع الوالد الراحل العميد الركن محمد الشاعر في دمشق حين زاره للإطمئنان عنه بعد محاولة اغتياله في مدرج جامعة دمشق، زاره مع مجموعة من الأدباء الفلسطينيين بمن فيهم محمود درويش، تلك الزيارة التي حدثنا عنها الوالد بكثير من الحميمية، وا أنذا أفشي سرا ذكره لنا الوالد بأنه نصح الشاعر آنذاك بمغادرة سوريا حرصا على حياته لأن من حاول اغتياله من القوى الرجعية سيعاود المحاولة، فجاء إلى موسكو وتابع دراسته العليا ثم شاءت الظروف أن يعمل في المجال الصحفي في موسكو، ومنها ينطلق في زياراته المتكررة للوطن، واستنهض كذلك ذكرياتنا المشتركة معه في اللقاءات مع العديد من الأدباء الفلسطينيين في موسكو، والمفاجأة الأروع هي هديته الجديدة لنضال الشعب الفلسطيني ، وهي القصيدة -الأغنية التي طرحها لأول مرة كما قال لي في أمسيته الأخيرة في دمشق العام الفائت إبان توقيع كتابين جديدين له، وقد علمت من آخرين أنها كانت أمسية حاشدة جدا كالعادة، ولكن للأسف دون أن يُهتم بها إعلامنا العربي وحتى السوري بتصرف فردي رغم حجز الكاميرات مسبقا، لكنها لم ترسل في حين صورت الأمسية وبثت ريبورتاجا عنها قناة أجنبية. لماذا هذه الأغنية -كما هي قصيدة الحصار- رائعة وصادقة ومتلاصقة مع الهم الفلسطيني والإنساني؟ يتحدث الشاعر في هذه القصيدة عن مناجاة فتاة فلسطينية لحبيبها الذي تنتظره لعقد القران، وإذ به يعود شهيدا فترثيه بأروع ما يكون الرثاء من أعماق الروح، بجلال المشاعر التي تستهض ذكريات العاشقين عبر صور بسيطة وجدانية رائعة تبث أنبل المشاعر العاطفية الإنسانية الحياتية اليومية، برومانسية وطنية غير عادية، وصور القصيدة لا يمكن ألا تهز الضمير والمشاعر من جذورها، بعيدا عن الأناشيد التظاهرية الصاخبة الهتافية دخولا في عمق الرؤى الإبداعية المميزة، تخيلوا هذه الصورة: “صعقتَ الموتَ إكراماً لذاكرة كبرق الدمع في أحداق مُغتصَب”، و يختتم الشاعر رثاء الحبيبة لحبيبها بعبارة أكثر من مذهلة كتعبير عن الخلود تدخل في سجلات الأقوال المأثورة وهي: ” يصبُّ النهرُ وسط البحر مُنطفئاً ولا يفنى نراهُ يعودُ في السُحبِ.
ولا أريد أن أتحدث عن مدى هذه الشفافية والعمق اللذين عبر عنهما الملحن الفنان معن دوارة في هذه الأغنية الرهيفة، ولا عن هذا الأداء الوجداني المميز جدا للمطربة لانا هابراتسو لأني سأترك للمستمعين أن يقيموا…