انهض” .. وصية نضالية تجسدت بعد أكثر من أربعين عاما شعرا وأغنية
بقلم رامي الشاعر
• إعلان أيمن أبو الشعر أن الفضل بكتابته قصيدة “انهض” يعود لصديقه المناضل الكاتب والدبلوماسي والضابط اللامع محمد الشاعر” هو تجسيد لوفاء الكبار للكبار.
وصلتني رسالة من الصديق الشاعر أيمن أبو الشعر، تفوح برائحة الأرض والتفاؤل بمستقبل أفضل رغم كل المآسي التي يمر بها الشعب العربي عامة والفلسطيني خاصة، سأنقل مضمونها باختصار شديد يقول فيها: ” أنه جاء ذات يوم إلى بيتنا مساء في موسكو قبل وفاة الوالد بحين من الزمن، وأثناء الحوار عبر الشاعر أيمن أبو الشعر عن الأسف لكون الشعب غير واع تماما لما يجري، تتناحر حتى قواه السياسية الطليعية بدل أن تتعاضد، ويضيف: “لقد أذهلني انفعال الوالد الرصين المتوقد بآن معا، حيث قال بلهجة الأب المعاتب: وماذا تفعلون أنتم الشعراء؟ هذا دوركم نحن نعمل على الأرض منفذين … أنتم من يجب أن يقوم بعملية التوعية والتنبيه والتحريض…” ويتابع: ” نظرت إلى عينيه متسائلا، وإذ به يرفع النبرة قائلا: “نعم أنتم من يجب أن يقول لهذا الشعب انهض! بل أن توجهوا نداءكم لكل الشعوب، للإنسان في كل مكان “انهض”!!!”
ظلت كلمة “انهض” ترن في ذاكرة أيمن أبو الشعر ويتراءى له وجه محمد الشاعر (ابو وفيق) كلما تذكرها إلى أن توالدت في قصيدة مطولة رائعة بعد اكثر من أربعين عاما، إنها بهذا الشكل أو ذاك تحكي عن بعض سيرة ذاك المناضل الذي ساهم في تأسيس العمل الفدائي منذ بداياته، قصيدة حوتها مجموعته الشعرية الأخيرة تغريبة أهل الشام، وهي تطرح المفارقة المذهلة بين عالم الظالمين وعالم المظلومين، ولا يكتفي برصد هذا الواقع الجائر، بل يطرح بقوة الحل من خلال الصمود والمواجهة والنهوض والمقاومة، وقد اختار بعض عبارات القصيدة التي تجسد نداء تلك الوصية “انهض” بتكثيف لتلك المعاني في أغنية أنجزها مع فريقه الفني: الملحن المبدع معن دوارة، والمطربة الموهوبة لانا هابراسو، والكادر الموسيقي الفني والتقني، وباتت جاهزة مع الذكرى السنوية الخالدة لرحيل صديقه الكبير محمد الشاعر و رفيقة حياته الدبلوماسية والكاتبة وفيقة حمدي الشاعر (ام وفيق ) ولعلها القصيدة – الأغنية العربية الوحيدة التي تتحدث بهذه النبرة عن المشروع العنصري الفوقي الرهيب الذي رغم أنه لم يتم التأكد من حقيقته إلا أن الشاعر يعتبر أن التخطيط له بدأ واقعيا، وهو مشروع المليار الذهبي الذي يعتمد على إفناء القسم الأكبر من البشر كي يبقى مليار واحد يستفيد وحده من خيرات الأرض، وبغض النظر عن مدى صحة هذه النظرية، فإن أيمن أبو الشعر يوظفها رمزيا في إطار الصراع الطبقي العالمي وهو يناشد كل المضطهدين، ضحايا الاستبداد أن يثوروا في وجه الطغمة العالمية، ورمزها رأس الأفعى البيت الأبيض، حتى لا تتحول نظرية المليار الذهبي إلى حقيقة.
إني واثق أن هذه الأغنية ستدخل قلوب جميع الناس الأوفياء ليس فقط للقضية الفلسطينية، بل لقضية الإنسان في كل مكان، لأنها تفضح وتعري سدنة البيت الأبيض، وبالتالي كل السائرين في ركابه شركاء أو عملاء، وهي لا تكتفي بإدانة حقارة سياسة الهيمنة والعنصرية الأمريكية، بل وتشير إلى طريق الخلاص بآن معا، بالتحدي “انهض”، ولعل الشاعر أيمن تكريما لذكرى رحيل الوالد والوالدة أدخل لقطات في بداية الفيديو من أحد خطابات الوالد التوجيهية، ولقطات للشقيقة الدكتورة أروى وهي تناجي والديها من واشنطن قرب البيت الأبيض، لتطمئنهما بأن قضيتهما، والتي رسخا حياتهما من اجلها لن يطويها النسيان، وها هي الجموع تحتشد لنصرة القضية الفلسطينية في عقر دار الامبريالية، وعند مقر البيت الأبيض. إن صنيع أيمن أبو الشعر بربط هذه الأغنية بذكرى من حرضه على كتابة القصيدة هو تجسيد لوفاء الكبار للكبار، وأولئك الذين غادرونا قبل ان تتحقق امالهم، ويروا العدالة والنصر يتحقق، وها أنذا أهتف مع الأغنية لإيقاظ كل مضطهد في العالم: “انهض” ، لكي ترى الأجيال القادمة هذا النصر المؤزر
إليكم نص الأغنية، ثم “لينغ” تسجيل الأغنية ذاتها:
انهضْ
هذا زمنُ الحضِّ على الرفضْ
حلمٌ كالنسرِ رؤىً ينقَضْ
كجنونِ البحرِ المُضطَرِبِ
يهتاجُ بأمطارِ الشُهُبِ
تزدادُ هديراً لا تنفَضْ
فاصرخْ وانهضْ كُنْ أنتَ النَبْضْ
وارفُضْ أنْ تَفنى كي يَبقى المليارُ الذهبيُّ الأبغَضْ
انهضْ
اثنِ الركبةَ وانهَضْ
أنتَ المقهورُ وكم قاتلتَ بسيفٍ قد نَزَعوا مِنه المِقبَضْ
فانهضْ
وانزعْ إكليلَ الشوكِ عذابُكَ يكفي ألفَ نبيْ
واخلعْ لشعاعِ الشمسِ قميصَكَ دونَ أنينٍ أنتَ أبيْ
وتجلَّدْ إنَّ اللهَ اليومَ حزينْ
هوَ لنْ يتبسَّمَ حتى يُعلِنَ أنَّ الطفلَ القادمَ لنْ يُجهَضْ
انهضْ
يا جزارُ بلا مِئزرْ
ما ماتَ الشعبُ سَلِ التاريخَ فَمَنْ قد ماتَ هوَ القَيصَرْ
فاثنِ الركبةَ وانهَضْ
وارفعْ علمَ العُشاقِ خفوقاً أنتَ مُفوَّضْ
باسمِ العدلِ الأُمَميِ
باسمِ شعوبِ الأرضِ مُفوَّضْ
أنْ تَغْرُسَهُ كالفرحةِ فوقَ مَقرِّ البيتِ الأبيضْ
انهَضْ…انهَضْ…انهَضْ