"غرائب القضايا".. صديق وفى أم خائن للأمانة؟
حالات غريبة حدثت وأثارت جدلاً تحول فيها القاتل إلى بريء، والجاني إلى ضحية، ألغاز كشفتها التحقيقات، وأزاحتها دفاعات المحامين في الساحات. ويعرض اليوم السابع، على مدار 30 حلقة خلال شهر رمضان المبارك، أبرز هذه الحالات وحقائقها المثيرة.
هذه الحلقة يرويها المستشار بهاء الدين أبو شقة في كتابه “أغرب الحالات”…
انتهى الجزء الأول من القضية بقتل الصديق الثري صديقه بإطلاق النار عليه بعد أن تسللت الشكوك إلى عقله وقلبه بأن زوجته تخونه مع صديق العمر.
ويقول المستشار بهاء أبو شقة: وكانت هذه بداية الأحداث.. عندما بدأت التحقيق في وقائع هذه القضية.. وأنا أعمل وكيل نيابة في صعيد مصر..
وأكدت تحريات رجال المباحث أن الصديق الثري أطلق النار على صديقه بقصد قتله وإبعاده تماماً عن مجرى حياته. كما أكدوا أن تصرفات وتصرفات الصديق المسكين المتهورة هي السبب. لم يستطع مقاومة حبه لزوجة صديقه. وقع في حبها. وأصبح يلاحقها في كل مكان. لقد فهمها وأكد أنه على استعداد لفعل أي شيء من أجل أن يحظى بحبها.. ليرد لها مشاعره.. ليشعر بنيران حبها تجتاح قلبه وفكره وعقله..
لكنها كانت دائما تنفره وتذكره أنه بالنسبة لها بمثابة أخ لزوجها، وأن عليه أن يطرد وساوس الشيطان التي طغت عليه ودفعته إلى هذه الأفكار والأفعال المجنونة. وفي النهاية اضطرت للشكوى لزوجها… ليعمل على إخراجه من القرية… خاصة بعد… الشائعات التي انتشرت… حفاظاً على حبهما واستمرار الهدوء، حياة أسرية مستقرة تجمعهم.
ورغم أن الصديق الغني أطلق عدة رصاصات على صديقه إلا أنه لم يمت. وكان فاقداً للوعي في المستشفى استعداداً لإجراء عملية جراحية عاجلة.
سألت الطبيب المختص عن إمكانية سؤاله.
فأجاب: حالته الصحية لا تسمح بمجرد الكلام. بل لو تكلم فلن يكون كلامه مبنيا على الوعي أو الوعي أو الإرادة الحرة، لأنه تم إعطاؤه جرعة تخدير لتخفيف آلامه استعدادا للتدخلات الجراحية.
أما المتهم فصمت ورفض الكلام سواء منكراً أو معترفاً بالتهمة. وعندما واجهته بشأن تحقيقات الشرطة، رفض الرد أو التعليق.
وسألت زوجة المتهم عن معلوماتها عن الحادث والظروف والدوافع التي أدت إليه.
قمت بتمثيل الزوجة وسألتها عن معلوماتها. فجرت «قنبلة» لم تكن تتوقعها. قالت: زوجي. قالتها بنظرة مليئة بالأسف والألم. لقد خدع في صديقه. وكان غارقاً في الثقة به. ولم يصادر فكرة أو رداً. كان له طلب.. لم يهتم بزمالته الدراسية أو صداقته مدى الحياة.. لم يكن مخلصًا أو مخلصًا لـ«العشرة» التي جمعتهم.. أدخله إلى بيت الزوجية كأخ.. كان يثق به إخوته بلا حدود.. لكن كان لي رأي مختلف وحكمت عليه من أول يوم. قدمها لي في “الكوشة”… نظر إلي وهو يضغط على يدي بنظرة مليئة “بالرغبة”… ظلت نظراته التي تشع الرغبة تلاحقني دون خجل.. وتجاهلت ذلك .. وكان يتردد – بلا سبب – على الشقة في غياب زوجي.. ويجري العديد من المحادثات الهاتفية المفتعلة… متظاهرا بأسباب واهية للحديث.
حاولت أن أشرح له – بطريقة مهذبة – رفضي واستنكاري لهذه التصرفات… وأنني زوجة سعيدة تماما بزوجي الذي تزوجته عن حب والذي أعيش معه قصة حب وردية… لقد انخدع بأفكاره الدنيئة ونفسيته المريضة التي استحوذت عليها كل أمراض الحقد والبغضاء والضغينة، وبمنتهى الشجاعة والجرأة. وبلا حدود كشف لي أنه يحبني منذ أول مرة وقعت عيناه علي وأنا في “الكوشة”… وأنه يعاني من عذاب الحب وألمه.. ولا يتحمل العيش بدوني، لكنه رفض العديد من الزيجات لأنها هي التي تشغل قلبه.
وعندما يئست من ملاحقته وحفاظا على الرابطة الزوجية بيني وبين زوجي الذي أحبه كثيرا… وتعبت من محاولة صده لكنه لم ييأس وواصل محاولاته المتهورة … أخبرت زوجي بضرورة طرده من العمل ومن القرية … إنه مخدوع في صداقته … كان قلبه مليئا. مع الحقد والحقد عليه.. لا يزال شبح الفقر يتراقص أمام عينيه، ويحتل أفكاره وقلبه، ويستولي على كل مشاعره، ويترجمها دون وعي إلى أفعال وأفعال بغيضة ومقتة، حتى على أولئك الذين كانوا هم من كانوا عليه. سندا وسببا لهذا النعيم الذي يعيش فيه وهذا المنصب الذي يشغله.
ذات ليلة، رن الهاتف. كنت أتجنب الإجابة لأنني كنت أطارده باستمرار، لكن في تردد وتردد أجبت. وعلى الجانب الآخر كان ذلك الصديق. كان حديثه مجنوناً، فقد عقله وفقد السيطرة على وعيه وفهمه.
قرر بنبرة صوت واثقة ومصمم أنه في النهاية وصل إلى الحل الذي يقربه منها… أنهي عذابه ويضع حداً لألمه… وكانت النار مشتعلة بداخله فقط لأنه تخيلها بين ذراعيه… لا بد أن تكون له وحدها لا غيره، حتى لو كان زوجها… جمع أفكاره وتوصل إلى قرار لا رجعة فيه: سيقتل زوجها، ويتخلص منه. ، حتى يكون الجو خاليًا لهما ليكونا معًا، وأغلق الهاتف.
أصيب عقلي بالشلل، وتعطلت حواسي، ووجدت نفسي أشعل سيجارة تلو الأخرى لأول مرة في حياتي. لقد كان موقفًا مفاجئًا لم يحدث لي أبدًا. وكانت حياة زوجي في خطر أمام هذا الفكر الطائش والمتهور وغير الصحيح.
هل يجب أن أبلغ الشرطة بكل ما حدث وتهديده بقتل زوجي؟ ولإيقاف هذه الأفكار المضطربة يعود زوجي من العمل.
للوهلة الأولى، شعر بما كنت أعانيه، حيث لاحظ لأول مرة سيجارة مشتعلة في يدي وأعقاب السجائر تملأ منفضة السجائر. سألني بدهشة وعصبية وحيرة ممزوجة بالقلق الذي سيطر عليه. أجبته وجسدي يرتجف ولا أملك السيطرة عليه. لقد حدث آخر شيء كنت أتخيله. كان صديقك مصمماً على قتلك، فقصصت عليه القصة من البداية إلى النهاية.
امتلأ وجهه باحمرار الغضب.. واحمرت عيناه وكأن الشرر يتطاير منهما.. أسرع إلى مكتبه وأخذ مسدسه وبسط ساقيه للريح رافضاً كل توسلاتي إليه بعد الرحيل. ..
فسألتها: هل هذا يعني أن زوجك هو الذي أطلق النار عليه؟ فأجابت: ما فعله يستحق الموت. والحقيقة أنني شخصياً فكرت كثيراً في كيفية التخلص من هذا الكابوس الذي كان معلقاً بأنفاس حبنا.. والذي يهدد مسار حياتنا. الموت هو مصير أمثاله الذين يقابلون الحب بالكراهية والوفاء بالغدر. إنه مريض عقليا، تسيطر عليه عقدة الفقر وتدفعه رغبة لا يستطيع مقاومتها.
ومرت الأيام واتصل بي الطبيب المعالج للجاني وأخبرني أنه يمكنني أن أسأل الضحية بعد خضوعه لعملية جراحية واستخراج رصاصتين كانتا ستوديان بروحه، لكن الله كتب له حياة جديدة.
ذهبت إلى المستشفى وسألته..
وكانت المفاجأة التي لم أتوقعها، ولا تخطر على بال أحد. أجاب الضحية بصوت منخفض يملؤه السكينة والمودة.. على سؤالي عن كيفية حدوث إصابته ومن المتسبب فيها.
قال: كان صديق حياتي ينظف مسدسه المرخص عندما انطلقت منه رصاصتان بالخطأ وأصابتني.
واجهته بتحقيقات الشرطة وأقوال الزوجة. وأكد أن الرصاصتين أطلقتا منه أثناء قيامه بتنظيف البندقية، وأنه هو من تمايل جسده فجأة وأصيب بالرصاصتين، وأن ما جمعهما في صدقة الحياة جعل الأمر مستحيلاً عليه. حتى لو اعتقد أنه قصد إيذائه أو إلحاق أي ضرر به.
وكانت إجابته قاطعة ومصممة على تبرئة صديقه. وأمام أقوال المجني عليه وإصراره كما أسلفنا، وعدم وجود أدلة في القضية تؤكد أن إصابات المجني عليه كانت متعمدة، وأن إطلاق النار كان بقصد إزهاق حياته، لم يكن أمامي سوى كلام التحقيق الذي غير صالح بأي شكل من الأشكال. ويجب أن يكون دليلاً صالحاً للإدانة.
ونظراً لما سبق، صدر قرار بعدم جواز رفع الدعوى الجزائية… أي وفقاً للأسلوب المتعارف عليه في «حفظ الدعوى».
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .