مصر

إحياء معالم المنهج الأزهري الوسطي.. فلسفة أسامة الأزهرى وزير الأوقاف الجديد

إحياء معالم المنهج الأزهري الوسطي.. فلسفة أسامة الأزهرى وزير الأوقاف الجديد

أكدت مصادر أن الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف الجديد في التغيير الوزاري، وللتعريف به فهو: أسامة السيد محمود محمد الأزهري، من مواليد الإسكندرية يوم الجمعة 18 رجب 1396هـ – 16 يوليو 1976م، نشأ في سوهاج بصعيد مصر، وبارك والده نيته في حفظ القرآن الكريم، ولم يقتصر تعليمه على ما تلقاه أثناء دراسته الأكاديمية الرسمية بالأزهر، بل طلب العلوم الشرعية وغيرها من خلال مصاحبة وصحبة أهل كل علم من المتخصصين من كبار علماء الأزهر الشريف، ثم عدد من كبار علماء بلاد الشام واليمن والمغرب العربي، وأجازه أغلب العلماء الذين التقى بهم، وذكر عدداً منهم في بعض كتبه مثل معجم الشيوخ وأسانيد المصريين وغيرهما.

وُلِد في مدينة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية يوم الجمعة 18 رجب 1396هـ – 16 يوليو 1976م، وانتقل مع أسرته إلى بلدة والده بمحافظة سوهاج بصعيد مصر، المعروفة بتقاليدها المحافظة وكثرة حفظة القرآن الكريم بها، مع شيوع أجواء علمية أصيلة، ضاربة في جذور التاريخ الإسلامي، بالإضافة إلى توفر التعليم الأزهري الرسمي وغير الرسمي بها، والحب والتقدير الكبير الذي يكنه أهالي هذه المنطقة للعلماء، وخاصة الأزهريين منهم.

وهناك اهتم والده بحفظه للقرآن الكريم وحضور دروس الأزهر، وشجعه على ما رآه فيه من الاستعداد للتلقي، والنهم للقراءة والمطالعة، والشغف بالعلم والعلماء، والتطلع في تراجمهم ودراسة سيرهم، وعدم رغبته في تضييع وقته فيما اعتاد أقرانه فعله من اللعب واللهو، رغم كثرة سفره إلى القرى القريبة والبعيدة، سعياً إلى مجالسة العلماء وأصحاب الاهتمامات العلمية المختلفة. وكان والده ـ رحمه الله ـ يدعو له كثيراً بأن يرزقه الله العلم.

حصل على درجة الدكتوراه من كلية أصول الدين بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، مع التوصية بالطباعة والتوزيع سنة 2011.

حصل على الدرجة العليا (البكالوريوس) من كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر سنة 1999م.

حصل على: درجة الماجستير في الحديث وعلومه من كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية عام 2005م.

عمل معيداً بقسم الحديث بكلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بأسيوط سنة 2000م، ثم مدرساً مساعداً بالكلية نفسها سنة 2005م.

عمل مدرساً مساعداً بكلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بالزقازيق، ودرس عدداً من العلوم الشرعية وغيرها مستقلاً على عدد من كبار العلماء المتخصصين في علوم: الحديث والتفسير وأصول الفقه والمنطق والنحو والعقيدة وغيرها، وحصل على الإجازة من أكثر من ثلاثمائة عالم بالسند من مختلف البلاد الإسلامية، وتشرف بمصاحبة ومرافقة عدد من علماء الأزهر الشريف، ثم عدد من كبار العلماء من بلاد الشام واليمن والمغرب.

ودعا إلى إعادة التعامل مع العلوم الإسلامية من خلال رؤية شاملة أرسى دعائمها علماء الأمة الأجلاء، كأبي حامد الغزالي في المستصفى، وابن خلدون في المقدمة، والعلامة سعد الدين التفتازاني (التفتازاني) وأمثالهم ممن اهتموا بتعريف العلم، بل وحتى المعاصرين له كالطاهر بن عاشور. واعتبر أن هذه الرؤية الشاملة التي تضع العلوم في دوائر مختلفة ومتقاطعة بدرجة أو بأخرى، كعلوم النص، وعلوم الواقع، والعلوم المتصلة، لابد أن تحكم المناهج التعليمية وتؤثر في أساليب التدريس وإعداد وتكوين طلاب العلوم الإسلامية وغيرها، حتى يحدث كل ذلك تناسقاً فكرياً بين طلاب العلوم المختلفة، وانسياباً علمياً يعود بالنفع على العلوم والمتعلمين والبيئة العلمية، ثم على الأمة الإسلامية والحضارة الإنسانية جمعاء.

إحياء معالم منهج الأزهر:

ولا بد من التفكير والتأمل في طبيعة العقل الأزهري الأصيل، حتى نرى ما هي المكونات الرئيسية التي أنتجت ذلك العقل الذي حفظ دين الأمة الإسلامية قروناً، وأسهم إسهاماً واضحاً في تقدم البشرية، مثل الشيخ الجليل حسن العطار، والبرهان الباجوري (المعروف بالباجوري، انظر (إبراهيم الباجوري)).

الأمير الكبير والشيخ حسن الجبرتي والد الجبرتي المؤرخ وغيرهم من هذه الطبقة، كما أسس أبحاثاً تدرس ظاهرة الأسر العلمية مثل أسرة السبكي وغيرها من الأسر العلمية، وتوصل من خلال أبحاثه إلى ثماني نقاط صاغها في بحث علمي بعنوان التجديد الكبير في ملامح منهج الأزهر المستنير، والذي تبنته مؤسسة كلام للبحوث والإعلام في دبي وترجمته إلى الإنجليزية تحت عنوان نحو تجديد كبير.

إنشاء تأويل إسلامي:

ودعا إلى إقامة ما يمكن أن نطلق عليه التأويل الإسلامي لفهم النصوص، والذي يستمد ويستمد من مناهج الفهم القديمة التي أسستها الأمة عبر تاريخها العلمي الطويل، وقد شرح هذه الدعوة وهذا المفهوم في كتابه “مقدمة في أصول التأويل”.

وقد دعا من خلال مؤلفاته وخطبه إلى إحياء عادة عرض الإنتاج العلمي على المتخصصين والخبراء في كل علم أو مجال، حتى تعود عادة القبول إلى مكانتها كمعيار لصناعة المعرفة في الأمة المحمدية، وعلى أساسها أنتج الإمام البخاري صحيحه، حيث عرضه على عدد من شيوخه، الأمر الذي مهد الطريق أمام مدارس الحديث في الشرق والغرب لقبول صحيح البخاري. ولم تقتصر دعوة الشيخ أسامة الأزهري على الكلام النظري، حيث نرى بوضوح مسارعته إلى تدعيم أقواله بالعمل العملي، وحرصه على أن يكون السباق في تطبيق تلك المعايير التي تقتضيها البيئة العلمية على نفسه وأبحاثه ومؤلفاته. لقد جعل من نشر كتابه (إحياء علوم الحديث) خطوة لا يمكن أن تكتمل إلا بعد إرسال نسخ أولية منه إلى عدد من كبار علماء الحديث في الشرق والغرب، بهدف قيام العلماء بدراسة هذا النتاج العلمي بهدف تحريره وتنقيحه، مع كتابة مقدمات للكتاب، حتى أن امتداد النقاش والمداولة استدعى عقد جلسة علمية للمناقشة حول كتاب (إحياء علوم الحديث) في (مؤسسة طابا) بأبو ظبي، في شهر رمضان سنة 1429هـ، شارك فيها عدد كبير من العلماء والباحثين.

وقد تلقى المؤلف مقدمات من نحو ثلاثين عالماً بارزاً، وسينشر كاملاً مع الطبعة الثانية من الكتاب إن شاء الله، والكتاب قيد الترجمة إلى اللغة الإنجليزية حالياً، ويعتبره كثير من العلماء البارزين وعلماء الحديث نواة لمدرسة حديثية جديدة، تحاول إبراز مسارات نقاد الحديث الشريف في الحفاظ على الحديث النبوي، ومسارات خدمته، كما دعا مؤلفه إلى دراسة علوم الحديث دراسة نظرية، فربط علوم الحديث كلها بست نظريات محددة، انبثقت منها فروع الحديث الأخرى كلها، وهي (نظرية الإثبات، ونظرية التوثيق، ونظرية الضبط، ونظرية الاستعمال، ونظرية الوصف، ونظرية التقييد).

وقد دعا في الكتاب المذكور إلى إعادة دراسة علوم الحديث من خلال إيجاد (مفهوم شامل للعلم)، وذلك من خلال دراسة القواعد، ثم التطبيق، ثم التوسع في دراسة كتب الرجال، ونقدها وتعديلها، ثم التوسع في قراءة كتب تراجم المحدثين وحافظي الحديث والنقاد، ثم التعرف على البحوث الحديثية المعاصرة. وله في الكتاب المذكور أيضاً فصل مهم عن (اختلاف طرق الإثبات والتوثيق بين المحدثين والفقهاء والقانونيين والمؤرخين وكتاب السيرة النبوية). إلى جانب غير ذلك من ملامح التجديد والابتكار في الكتاب المذكور.

إحياء فكرة الإسناد

لقد بذل أسامة السيد الأزهري جهده وفكره ومؤلفاته في إحياء فكرة الإسناد بكل ما تتضمنه هذه الفكرة من وظائف علمية متعددة الجوانب من حيث تصحيح نقل المصادر، وتوارث طرق الفهم، وتلقي الخبرات والمهارات والمفاتيح العلمية، وتوارث الأخلاق والآداب الكريمة، فالإسناد فيما يدعو إليه هو دراسة وظائفه الكاملة من رواية ومعرفة وتزكية، بالإضافة إلى ضرورة فتح صفحات حياة كل فرد من العلماء الذين وردت أسماؤهم في سلاسل الأسانيد حتى نطلع على أدوارهم العلمية التي أدوا من خلالها واجب عصرهم. ومن أجل تحقيق هذه المعاني تواصل مع عدد كبير من العلماء من الشرق والغرب للاستفادة من الطرق المختلفة الموجودة في المدارس العلمية المختلفة.

نظرية استيعاب القرآن للحضارات المختلفة

ودعا المسلمين إلى الاهتمام بنوعين من التوجيه الذي يقدمه القرآن الكريم، أحدهما خاص بالمؤمنين ويتضمن أحكاماً وواجبات وأوامر ونواهٍ، وهو التوجيه الخاص، والنوع الآخر هو التوجيه العام الذي يخاطب به القرآن الناس كافة والبشرية جمعاء ويرشدهم إلى المبادئ العليا التي من خلالها تتفاعل الثقافات وتتعارف الحضارات، حتى يكون هذا التوجه القرآني بديلاً لفلسفة صراع الحضارات التي ينادي بها كثير من المنظرين المعاصرين (مثل صمويل هنتنغتون وفرانسيس فوكوياما)، وحتى يعرف الناس أن هناك ملاذاً آمناً للإنسانية وخطاباً قرآنياً يحمل لكل إنسان نصيباً من التوجيه الخاص به فيما يعرف بنظرية الاستيعاب القرآني للحضارات والثقافات المختلفة.

الارتباط بالأصل والاتصال بالعصر

حاول أن تلفت نظر أغلبية الناس إلى العلاقة بين ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، وطبيعة التعلق الصحيح بمناهج أسلاف الأمة وتراثهم العلمي الضخم الذي خدم الإنسانية ومفاتيح فهم ذلك التراث على نحو لا إفراط فيه ولا تفريط، حتى لا يكون هناك انعزال ذاتي وركود فكري ووقوف خلف عجلة الزمن، وفي نفس الوقت لا يكون هناك اتباع أعمى لكل صرخة ونداء لا أساس له كما يحدث لبعض الذين هم تحت تأثير صدمات المعرفة أو كما يحدث من الاندفاع المتهور في بعض الاتجاهات التي لم تتجذر بسبب عدم القدرة على التمييز بين التفكير المتقلب الذي لا يزال قيد البحث والمداولة وبين العلم الثابت والمناهج المدروسة الراسخة.

وأظهر من خلال مؤلفاته ومحاضراته أن لكل جيل من المسلمين دور في إيجاد الحلول المناسبة لمشكلات الإنسانية في ذلك العصر ورسم الخرائط التي تقود الناس إلى الأمان في كل مجالات خلافة الله للإنسان من عبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس، وأن ذلك لا يتأتى إلا بالاتصال بالأصل من خلال تعميق فهم مناهج البحث التي أرسى أسسها أسلاف الأمة وطرق تفكيرهم، وإدراك الثوابت وتحديد المتغيرات، مع التعايش مع الواقع ومعرفة المستجدات ليس من خلال الأحداث فقط، بل من خلال الأفكار الشاملة والرؤى الشاملة، وإدراك خصائص العصر التي تجعل المسلم مدركاً لما حوله وحتى ما سيكون، مما يمنحه “الحصانة الحضارية” ويهيئه للتعامل مع الأمور بتوازن وثقة ومعرفة.

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

زر الذهاب إلى الأعلى