حوادث

"غرائب القضايا".. فكر شيطانى.. قتل عمه وزوجته وابنه واتهم شقيقه بالجريمة

حالات غريبة حدثت وأثارت جدلاً تحول فيها القاتل إلى بريء، والجاني إلى ضحية، ألغاز كشفتها التحقيقات، وأزاحتها دفاعات المحامين في الساحات. ويعرض اليوم السابع، على مدار 30 حلقة خلال شهر رمضان المبارك، أبرز هذه الحالات وحقائقها المثيرة.

هذه الحلقة يرويها المستشار بهاء الدين أبو شقة في كتابه “أغرب الحالات”…

وانتهى الجزء الثاني من القضية بقرار المحكمة ببراءة الأخ الأصغر من قتل عمه، كما ادعت زوجة العم وشهد شقيقه الأكبر.

لكن باب الحقيقة ما زال مغلقا حتى الآن… مغلقا أمامه… وأصبح السؤال الذي يحير أذهان الجميع ويقلق أفكارهم… من هو القاتل إذًا؟… ما الدافع وراء ذلك؟ قادته إلى قتل هذا الشيخ الطاهر الطاهر الذي لقي ربه وهو ساجد؟

ما أقسى ضمير الحق وواجب العدالة إذا كان القاتل لا يزال طليقا.. وقد أصبح من المؤكد في ضميري أن وراء موت المجني عليه سر تخفيه هذه المرأة، ولكن ما هذا السر؟ .. وبعد أن تبدأ في الحمل منه هل ستكون هي المهيمنة والمتحكمة في ثروة زوجها مع ولادته؟ ويكمن هذا السر بعد أن أصبحت هي المستفيدة وسيطرتها بلا منازع على كافة ممتلكات زوجها، لكن ما الدليل؟

ومرت الأيام والشهور، وصورة أحداث هذه الحالة بالذات لا تفارق ذهني. وأتساءل من هو القاتل؟ فهل يتركه عدالة السماء يعيث فسادا في الأرض وهو أشرس القتلة؟ ولم يمض وقت طويل على صدور البراءة التي حصلت عليها لأشرف، جاء إلى المكتب وطلب مني الترافع في قضية جديدة.

فنظر إليه مستغربا وتساءلت: ما هذه القضية وما نوع التهمة هذه؟ – ابتسم ابتسامة لا تخلو من الحزن والندم إذ قال: – أخي سمير المتهم. فسألته بلهفة عن التهمة الموجهة إليه… قال والحزن يتزايد بداخله… “لقد قتل زوجة عمه وطفلها الصغير”.

عرض عليّ «دوسيه» القضية، وعلى الفور قرأتها بدهشة وفضول يملأ رأسي. وكانت أحداثها أكثر عنفاً وحزناً من أحداث الحالة الأولى. “سمير” قتل زوجة عمه وطفلها الصغير، وأدلى باعتراف تفصيلي وصريح وواضح بأنه القاتل… وأنه آثم لا يغفر له. بذنبه… ومذنب أمام نفسه… وأمام عمه… وأمام الأهل والقانون… خطايا لا يمكن أن تغسلها مياه المحيطات.

اعترفت بأنه سار في طريق الإغراء.. لقد احتضن الشيطان عندما أحب هذه السيدة.. إنه الحب الذي يخطئ في الحب.. حب الجسد المجرد البعيد عن الحب في صورته. معاني سامية ومقدسة… وقع في حب شهوة الجسد فيها وصار أسيرًا لها، غير قادر على التراجع. وقد أرشده عقله الضعيف، وقاده خياله المريض إلى وضع جسدها بجانبه – ليضعها على طريق عمه، وهو يعلم أن قلبه لا يزال عذراء، خصبًا، عطشانًا ومشتاقًا لمن يشبعه. لقد جعل الزواج منها جميلاً، وبارك عليه، واهتم به، وجعله يعتقد أن ذلك كان من باب الشكر على طيبته وسعادته لنفسه الذي عاش معها. الحرمان… وعمه مرعوب من تحدي أخيه لهذا الزواج. ومرت الأيام وكان عمه “الزوج الورقي” لكنه الزوج الفعلي.

وأضاف في اعترافه: في إحدى الليالي فاجأتني بأنها حامل. حدث شيء لم يكن في ذهني ولا في حسابي.. ما لم يكن متوقعا.. عمي عقيم.. وهو يعلم ذلك جيدا.. الجنين الذي يزحف في رحمها هو ابني.. ماذا علي أن أفعل؟ ومن الضروري التصرف بأسرع ما يمكن قبل أن ينكشف الأمر ويضيع كل شيء. وطلبت منها التخلص من الجنين منعاً للفضيحة، لكنها رفضت وكشفت أنها تعمدت ذلك حتى تستولي على كل ثروته ونعيش بعد ذلك معاً في رخاء ورخاء وحب.

وأمام إصرارها وقناعتي بأفكارها أرشدني شيطاني إلى ضرورة قتل العم. لقد كنت محرومًا من الفكر، بلا إرادة، أسيرًا لمتعتي ومتعتي المحرمة معها. لقد تم تجميل فكرة الجريمة بالنسبة لي حتى تكون الأجواء صافية لنا معًا ونستولي على ثروة العم ونعيش دون أي مشاكل.

تم التخطيط لقتل العم. أنا من قتلته وضربته على رأسه وهو يصلي، لكن تبددت صورة الشاهد في الحادثة أمام تفنيد الدفاع وإثبات براءة أخي “أشرف”. لقد أنجبت طفلاً يا ابني، ولم يكن أحد يعرف هذا السر سواي وهي. ولم يكن أخي الأصغر يعلم أن عمي عقيم. وكنت الوحيد الذي بقيت معه بينما فحصه الطبيب وأجرى الفحوصات التي أثبتت عقمه. وكانت تتخبط في الأشياء المحرمة معها. لقد كانت شيطانة. بكل معنى الكلمة… في الواقع، كلمة “الشيطانة” تتضاءل مقارنة بأفعالها.

واصل اعترافاته وكلامه يقطر بالدماء وهو يروي كيف هونت عليه حياة عمه الذي رباه.. قتله من أجلها.. وبلغ فسقه وذله نهايته عندما هونت عليه روح أخيه… الذي كان بالقرب من المشنقة بل وشهد ضده.

وما زاد من حزنه وندمه بعد فوات الأوان هو نسيانه لزوجته.. أهملها بل وأهمل ابنه الصغير.. الذي مرض وتركه دون علاج فريسة لالتهاب شعبي بسيط وتفاقمت حالته بسبب عدم تلقي العلاج وأصيب بالتهاب رئوي حاد أودى بحياته.

لكن هل توقفت جريمتها وفجورها عند هذا الحد؟ اكتشف -فجأة- أن الأفعى لا تكتفي بلقمة واحدة، إذ وجدت فريسة أخرى.. واكتشف أنها على علاقة برجل آخر تستمتع معه بعد أن بدأت تبتعد تدريجيا وتغيب عن الإقامة لفترات طويلة والعودة في وقت متأخر من الليل… ورائحة الكحول تفوح من الغرفة. فمها.. حس أنها طردته من حياتها، وآخر ما فكر فيه، راقبها من بعيد.

فأيقن الحقيقة التي قتلته، واستيقظ من الوهم الذي كان يعيش فيه.. قام من بئر خيانتها، والدم يجري في عروقها.. أحس أنها تكيد له شيئا ليقوم به. تخلص منه.. واجهها بخيانتها، بحبهما الذي حكمت عليه بالإعدام بسببه.. لكنها لم تهتم بمشاعره.. بمشاعره. مما دمرها…مستقبله الذي شعر أنه لا وجود له بدونها.

وهددته بأنه إذا لم يخرج من حياتها واستمر في مطاردتها فسوف تبلغ النيابة بأنه قاتل عمه.

تمالك نفسه وهو يمضغ أصابعه ندماً ويقول: “هنا صحيت من قيلولتي.. صحيت من نومي وضميري مرتاح.. صدقوني.. كانت عندي مُثُل ومبادئ وقيم”. ​​قبل أن أعرفهم، لكنها دفنت كل ذلك في جسدها اللعين… كانت شيطانة أغوتني… قررت وعزمت أن أطهر نفسي، وأكفر عن خطاياي، وأنتقم لعمي، أخي، أنا وابني الذي سببت موتها، ونفسي التي دنستها. يجب أن تُقتل ويقتل معها ابن الخطية. ولقد نفذت ذلك بالفعل. أحسست أن روحي اطمأننت، وضميري مرتاح. الآن افعلها. ما شئت.. اعدمني.. فالموت أقل عقوبة لمن فتح الشيطان له باباً على عقله وفكره.

وبعد أيام قليلة، جاء أشرف وقدم لي رسالة يطلب مني قراءتها.

رسالة من شقيقه “سمير”.. آخر كلمات كتبها قبل انتحاره في السجن.. أنهى حياته بعد أن اعتذر وطلب العفو من الجميع معلنا أنه طهر العائلة الكريمة من الدنس من أفعاله واستغفر الله، وأنه لم يحتمل انتظار المشنقة.. فانتقل. لتسريع حياته التي أصبحت لا تقدر بثمن ولا معنى لها.

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

زر الذهاب إلى الأعلى