رامي الشاعر يطلق مبادرة بقوة صاروخ أوريشنيك الروسي لحل الأزمة السورية
تحدثت شبكة درعا 24 إلى المستشار السياسي الروسي والمقرب من مؤسسات صنع القرار للسياسة الخارجية الروسية للحديث حول القصف الروسي في شمال غرب البلاد ومشاركة روسيا، والحل السياسي، والحوار السوري–السوري.
وأيضاً تحدث حول ضرورة استثمار النظام والمعارضة للفرصة الأخيرة لإنقاذ البلاد من كل ما يحدث.
كما تحدث المستشار الروسي حول حالة الترقب التي تعيشها محافظة درعا والجنوب السوري، لافتاً إلى ضرورة استجابة النظام للوساطات الدولية، بما فيها الروسية، لتجنيب المنطقة أي مواجهات عسكرية، والبدء بالانتقال السياسي الذي يؤدي إلى نظام جديد.
ذكرتم أن أيّ استخدام للسلاح خارج إطار الشرعية الدستورية هو تعدٍّ على السيادة السورية، ولكن كيف يمكن اعتبار تقدم الفصائل المعارضة المسلحة، وهم سوريون، تعدياً على السيادة، في حين أن المشكلة تكمن في رفض نظام بشار الأسد الدخول في حوار شامل يضم جميع مكونات الشعب السوري؟ أليس الحل يكمن في إشراك هذه الفصائل في حوار سياسي بدلاً من تصنيفهم كتهديد للسيادة؟
بداية، دعني أشير إلى إشكالية أساسية كمقدمة للإجابة على سؤالك، وهي أن العلاقة بين الفصائل المسلحة والمعارضة بشقيها السياسي والعسكري، منذ بدايات الأزمة السورية، لم تكن علاقة مؤسساتية تعكس عملاً معارضاً فعلياً. فمن البديهي في أي حركة معارضة أن تخضع القرارات العسكرية للقيادة السياسية، لكن هذا الأمر لم يحدث في الحالة السورية. رغم أن المظلة التي جمعت هذه القوى سُمّيت “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، إلا أن طبيعة العلاقة لم تعكس “ائتلافاً” حقيقياً بين السياسي والعسكري. على العكس، كانت الفصائل المسلحة خارج إطار الدولة مشتتة، وتأتمر بتوجيهات دول مختلفة، بل وتصارعت فيما بينها في معظم المناطق السورية منذ بداية التسلح. نتيجة لذلك، نحن أمام صراع قابل للتشظي والاقتتال بين الجماعات المسلحة ذاتها في حال أي انهيار للدولة السورية. وللتوضيح أكثر، فإن عناصر هذه الجماعات المسلحة هم سوريون، والاقتتال بينهم لن ينعكس عليهم فقط، بل سيدفع المدنيون السوريون ثمن ذلك بشكل أكبر مما دفعوه حتى الآن. هذه معضلة كبيرة وخطيرة.
على هذا الأساس، بنت روسيا دبلوماسيتها في سوريا من خلال الوقوف إلى جانب مؤسسات الدولة السورية والجيش، لأن الانهيار التام للدولة سيؤدي، بشكل بديهي، إلى صراعات بين هذه الفصائل المسلحة التي تختلف إلى حد التكفير فيما بينها. المدنيون حينها سيكونون وقوداً لهذه الصراعات، وسيدفعون أثماناً أكبر بكثير. على سبيل المثال، يمكن الإشارة إلى الصراع الداخلي في رواندا، حيث أدى انهيار الدولة إلى اندلاع أعمال عنف مسلحة واسعة النطاق، وتعرضت النساء للاغتصاب، وقُتل ما يقارب المليون شخص في فترة لا تتجاوز مئة يوم فقط.
من جهة أخرى، هناك قاعدة دستورية واضحة تقول: “سلطة الدولة محتكرة“، بمعنى أنه لا يحق لأي طرف حمل السلاح خارج إطار الدولة أو من تعترف به الأمم المتحدة كممثل شرعي لهذا البلد. بناءً على ذلك، كان تصريحي الذي سألتني عنه أن استخدام السلاح يُعدّ تعدياً على السيادة السورية. فوفقاً للقانون الدولي، السيادة تقوم على ثلاثة أركان: السلطة، الشعب، والإقليم. واستخدام السلاح من أي طرف غير السلطة الشرعية هو انتهاك للسيادة، ليس فقط على مستوى السلطة والإقليم، وإنما أيضاً على مستوى الشعب الذي يدفع ثمن هذا الانتهاك.
من هنا، ينطلق الموقف الروسي بالدفاع عن سيادة سوريا ووحدة أراضيها. وهو نفس الموقف الذي تسير عليه مجموعة أستانا، التي تعمل على استعادة السيادة الكاملة لسوريا من خلال توافق سوري-سوري، وتعديل دستوري يوافق عليه جميع السوريين. لكن إلى أن يحدث ذلك، ستبقى السيادة السورية للأسف منقوصة.
أريد أن أؤكد مجدداً على أهمية هذا السؤال. أي حيازة للسلاح أو تسهيل دخوله من قبل أي مواطن، في أي دولة حول العالم، دون ترخيص رسمي من الجهات الحكومية، بما في ذلك أسلحة الصيد، يُعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. وهذا يُعد انتهاكاً للسيادة. الوضع الحالي في سوريا معقد بسبب تداعيات الصراع المسلح. السيادة السورية “مضعضعة” أو منقوصة نتيجة خروج بعض المناطق عن سيطرة النظام منذ عدة سنوات.
على سبيل المثال، اضطرت روسيا في بعض الأحيان للقيام بوساطة لإخراج المسلحين الذين كانوا يحاصرون دمشق بأسلحتهم الفردية، ونقلهم إلى مناطق الشمال السوري بالتنسيق مع النظام في دمشق.
لذلك، أقول لك بكل تأكيد: في الحالة السورية الراهنة، لن يكون هناك حسم عسكري، وهو ما أثبتته أكثر من ثلاثة عشر عاماً من الصراع المسلح. لن يكون هناك منتصر إلا من خلال استعادة السيادة الكاملة لسوريا، وعبر التفاوض والحوار السوري-السوري الذي يتمخض عنه تعديل، إصلاح، أو كتابة دستور جديد يوافق عليه جميع السوريين. إلى أن يتحقق ذلك، ستبقى السيادة السورية، وأكررها مجدداً، للأسف منقوصة.
صرحت بأن روسيا لن تقصف المدنيين، ولكن هناك تقارير وشهادات ميدانية تتحدث عن استهداف مشفى حلب الجامعي وأحياء مدنية كالسليمانية. كيف يمكن تفسير ذلك على الأرض مقارنة بتصريحات روسيا بأنها تدعم الشعب السوري ولا تنحاز لطرف ضد آخر؟
أريد أن أوضح هنا أن الطيران الروسي لم يكن مشاركاً في هذا القصف، وأرجو أن يتم ذكر ذلك بوضوح.
روسيا لا تستهدف المدنيين، ولا يمكن أن تفعل ذلك، وأعيد التأكيد على هذا الموقف. المهمة الرئيسية لروسيا هي القضاء على الجماعات الإرهابية التي تهدد وحدة الأراضي السورية وتستهدف بنية وتفكير الشعب السوري، المعروف تاريخياً بمدنيته وتقبله للآخر، وتميزه بالعيش المشترك بين جميع طوائفه وإثنياته.
بالإضافة إلى ذلك، فإن محاربة الجماعات الإرهابية تُعدّ مهمة دولية نصّ عليها القرار 2254 وقرارات الأمم المتحدة الأخرى، في إطار التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب وضمان عدم توفير ملاذات آمنة للإرهابيين في أي مكان. ويتم التدقيق بعناية فائقة لضمان عدم وجود مدنيين، بما في ذلك عائلات الأفراد المصنّفين كإرهابيين، في أي منطقة يتم استهدافها. وقد أكد بيان وزارة الدفاع السورية على هذا الأمر، حيث شدد على التنسيق السوري-الروسي المشترك، سواء سياسياً أو عسكرياً، في حادثة فك الحصار عن الطلاب في أكاديمية الأسد من قبل المسلحين.
هذا التعاون يُشكل مقدمة للتنسيق السياسي ودفع العملية السياسية. والأهم من ذلك أن هؤلاء المحاصرين كانوا طلاباً، تتراوح أعمارهم دون العشرين عاماً. عندما اندلعت الأزمة السورية، كانوا لا يزالون أطفالاً، فبأي مبرر يمكن استهدافهم!؟
ولكنك قلت بأن هناك تنسيق سوري-روسي قائم، وهو ما يجعل روسيا بطريقة أو بأخرى شريكة في العمليات؟
للأسف، في كثير من الحالات، لا يتجاوب النظام في دمشق مع النصائح التي نقدمها. أقول نصائح، لأننا لا نستخدم أسلوبًا آخر احترامًا للسيادة. على سبيل المثال، وعد الرئيس الأسد شخصياً بالتجاوب مع جهودنا للتطبيع مع تركيا، لكنه قام بعكس ذلك من خلال إطلاق تصريحات ضد تركيا.
لعلّ السوريين جميعاً، وفي مقدمتهم الرئيس، يدركون اليوم أن أمامهم الفرصة الأخيرة لإنقاذ وضعهم، سواء على الصعيد الوطني أو الشخصي، وإلا، فإن الشعب السوري، الذي يعاني من وضع مأساوي وغير مقبول، لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا الاستخفاف بمستقبله وحقوقه، وسيعبّر عن رفضه بشكل لا يحتمل التجاهل.
أشرت إلى أن مجموعة أستانا بذلت جهوداً كبيرة لتحقيق التهدئة، لكن وزير خارجية تركيا صرّح أن اتفاق أستانا لم يعد موجوداً. برأيكم، ما هو البديل الواقعي حالياً لإحياء الحوار السوري السوري، خاصة مع تعنت النظام ومعارضة بعض الفصائل؟ وهل يمكن أن تلعب روسيا دوراً أكثر فاعلية للضغط على النظام لتحقيق تقدم حقيقي؟
بالنسبة لتصريح وزير الخارجية، هناك مغالطة واجتهاد من بعض وسائل الإعلام التي روجت لذلك. لم يتم تبليغ موسكو بأي انسحاب أو تخلي عن اتفاق أستانا. على العكس، تم التأكيد على الالتزام بهذا الاتفاق خلال المكالمة الهاتفية التي جرت بين وزير الخارجية لافروف ونظيره التركي فيدان، وأيضاً بين الرئيسين أردوغان وبوتين. قريباً جداً سيُعقد لقاء بين وزراء الخارجية للدول الثلاث.
أود أن أوضح أن قراءة أي تصريح خارج سياقه الصحيح قد يؤدي إلى سوء فهم. في كثير من الأحيان، يتم استغلال ردود الأفعال التي تصدر أثناء المقابلات الصحفية لتفسيرها بشكل يخدم أجندات معينة تتبناها الجهة الداعمة لتلك الوسيلة الإعلامية أو الموقع الصحفي.
في هذا السياق، أؤكد أن كل ما يشاع عن وجود اتفاق تركي-روسي لاستبدال الرئيس السوري بشار الأسد ليس صحيحاً. الأسباب لذلك واضحة ومرتبطة بما ذكرت في إجابتي على السؤال الأول. مجموعة أستانا (روسيا، تركيا، وإيران) تعترف بشرعية الرئيس السوري وتؤكد على شرعية النظام، سيادة الدولة السورية، ووحدة أراضيها. أما القضايا المتعلقة بتغيير النظام، الرئيس، أو التعديلات الدستورية، فهي أمور تخص الشعب السوري وحده. دورنا يقتصر على التوفيق ومساعدة السوريين في إطار العملية السياسية وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254.
كما أود الإشارة إلى المحاولات المستمرة لاستهداف هذا المسار، الذي يعمل على تحقيق الحل السياسي والتهدئة في سوريا. ما يُشاع عن وجود قوى تعمل خارج هذا المسار وتتصرف كذراع لأوكرانيا أو إسرائيل، هو ادعاء غير صحيح. هذه الشائعات تهدف فقط إلى الترويج لمكانة أوكرانيا وإسرائيل ومحاولة إظهار تأثيرهم في الشرق الأوسط، وكذلك معارضة جهود روسيا ومجموعة دول أستانا.
أُضيف أيضاً: من الملاحظ أن لهجة الكرملين تغيرت اليوم لقد صرح بالشكل التالي: “موسكو تتابع عن كثب ما يحدث في سوريا، وهي في حوار مستمر مع دمشق. وحجم المساعدة المطلوبة من روسيا للسلطات السورية لمحاربة المسلحين يعتمد على تقييم الوضع”.
اولاً: لم يعد يسمي المسلحين بالإرهابيين.
ثانياً: يعتمد حجم المساعدات على تقييم الوضع في البلاد وهذا يعني أيضاً على سلوك النظام في التعامل مع الأزمة، والأخذ بالاعتبار مبادرة النظام في التجاوب مع رغبة ملايين من الشعب السوري، التي تطالب بالتغيير من خلال عملية انتقال سياسي الى نظام حكم جديد.
في ظل التطورات الميدانية الحالية، هل تتوقعون أن تشهد درعا تصعيداً عسكرياً أو شن هجمات جديدة على مواقع تابعة للنظام؟ وكيف يمكن أن تؤثر هذه السيناريوهات على مستقبل المحافظة والوضع العام في سوريا؟
من الواضح أن درعا، وجنوب سوريا بشكل عام، تعيش حالة من الترقب والحذر وسط التطورات الميدانية الحالية، مع احتمالية التصعيد إذا لم تُتخذ خطوات جادة نحو الانتقال السياسي السلمي. سكان درعا، الذين استجابوا سابقاً لوساطات دولية، أبرزها الروسية، لتجنب المواجهات العسكرية، ينتظرون تنفيذ وعود النظام ببدء عملية انتقال سياسي تؤدي إلى نظام جديد في سوريا.
اذا أردنا الحقيقة محافظتا درعا والسويداء عملياً خارج سيطرة النظام الحالي، لكنهما تتحملان الوضع حفاظاً على وحدة وسيادة الأراضي السورية. أدعو النظام والرئيس بشار الأسد إلى اتخاذ خطوة جادة من خلال عقد لقاء فوري مع المعارضة السورية والوجهاء المحليين وممثلي التنظيمات المسلحة.
كما أؤكد أهمية دعوة اللجنة الدستورية للاجتماع في دمشق، تحديداً في دمشق، مع ضمانات دولية تضمن سلامة المعارضين المشاركين، لبدء عملية سياسية شاملة نحو الانتقال السياسي. ولا أرى بديلاً عن ذلك لمنع حدوث التصعيد.
أرى أن تجاهل هذه الدعوات سيؤدي إلى تصعيد عسكري جديد في درعا وربما يمتد إلى السويداء، مما يهدد استقرار الجنوب والوضع العام في سوريا بأكملها.
اكتشاف المزيد من العاصمة والناس
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.